الأربعاء، 10 يناير 2024

خيبة المجتمع بين عار الطلاق ونار العنوسة !

        مجموعة مطلقات وعوانس ! ، صفة كُنا نسمعها كإدانة للعضوات الفاعلات في الجمعية النسائية الثقافية في بلادنا من الذين لا يحبون تلك الجمعية والقائمات عليها ، وللوهلة الأولى سيتبادر إلى الأذهان أن هؤلاء الكارهين للجمعية النسائية مجموعات دينية وقبلية فقط لا غير ولكن الحقيقة أن المجموعات القبلية في تلك السنوات الغابرة لم تكن ذات حضور في المشهد الاجتماعي والبارزين منهم آنذاك كانوا بمثابة خدم للسلطة الحاكمة ولا دور لهم غير ذلك ، أما التيار الديني فكان له دور في هذا الهجوم نعم ولكنه ليس الوحيد ولا حتى الأبرز في ذلك الزمان إذ أن قوة التيار الديني لم تبرز بشكل مؤثر إلا مع إطلالة عام ١٩٧٩ وهي السنة الزلزالية التي تغير فيها وجه المنطقة كلها وليس بلدنا وحده .

 

 

        الحقيقة أن مَن كانوا يطلقون تلك الصفات كإدانة للفاعلات في الجمعية النسائية كانوا بعض التقليديين المحافظين من كبار السن إضافة إلى صوت ضعيف للتيار الديني ولكن الطرف الأبرز الذي كان حاقدا على الجمعية النسائية هم جماعة من المتحررين والمتحررات لكنهم ينتمون للطبقة الوسطى وكانوا يرون في الفاعلات من عضوات الجمعية النسائية مجموعة من المتكبرات اللائي يحتقرن معظم أطياف الشعب وأنهن إنما يتاجرن بقضايا المرأة حتى يحققن البروز والظهور المجتمعي وربما منافع مادية عبر الاستفادة من فعاليات الجمعية ونشاطاتها ، هكذا كانوا يرونها ونحن لا نملك دليلا على تجاوزات مالية حدثت إنما الشعور بالغطرسة لدى بعض الفاعلات في تلك الجمعية لاحظناه عبر ظهور بعضهن على شاشات التلفاز وخطاب بعضهن عبر مايكروفونات الإذاعة .

 

 

        كيفما كانت التفاصيل فإنه من غير المقبول أن نجعل من تعرض المرأة للطلاق أو عدم حصولها على نصيب في الزواج صفة إدانة وانتقاص ، فالطلاق وارِد على كل أخواتنا وبناتنا وحتى أمهاتنا إذا تعذر استمرار الحياة الزوجية لأي سبب حفظ الله على الجميع استقرارهم أزواج وزوجات ، والزواج من عدمه هو من الرزق الذي قدره رب العالمين وليس بالضرورة أن يصبح الزواج سترا للمتزوجات كما هو شائع ولا أن يصبح عدم الزواج سببا لفقدان غير المتزوجة سترها وعفافها .

 

 

        المجتمعات المتخلفة لا تعلم أنها بمثل هذا السلوك الغبي تجاه المرأة إنما تعزز حضور التنظيمات النسوية في المجتمع وتقدم شهادة تزكية لكل امرأة لا يجد المجتمع ما يدينها به إلا أنها مطلقة أو عانس مع التحفظ على هذا المصطلح المسيء ، فحينما لا تجدون ما تنعتون به الفاعلات من عضوات الجمعية النسائية إلا كونهن مجموعة عوانس ومطلقات فهذا يعني بالضرورة أنهن قد انتصرن عليكم في معركة الفكر وفي ميدان الفعل ، ولو أن مَن كانوا يهاجمون الفاعلات من عضوات الجمعية النسائية باعتبارهن عوانس ومطلقات دخلوا مطارحات فكرية معهن لوجدوا الكثير مما يمكن أن يؤخذ على فكرهن وأدائهن وتقصيرهن في خدمة قضايا المرأة لكنها خيبة المجتمعات المتخلفة التي تلازمها كلما كانت المرأة هي العنوان .

 

 

        مخلص الكلام هو أن انتقاص المرأة لكونها مطلقة قد أدى مع الوقت إلى ردة فعل مفادها انتقاص قيمة الأسرة والأمومة لدى كثيرات من نسائنا حتى صار طلب الطلاق والدخول في معارك المحاكم على إثره أسهل عندهن من شرب الماء ، أما انتقاص المرأة بسبب عدم حصولها على نصيب في الزواج فقد أدى مع الوقت ومع معاينة كثيرات من غير المتزوجات لمشاكل الأخوات والقريبات والصديقات إلى تنامي قناعة مفادها أن الزواج هَمٌ ونكد وأن صاحبة الحظ هي التي لم تتزوج وليس العكس ما أدى في النهاية ببعضهن لاتخاذ قرار عدم الزواج مسبقا وغلق الباب أمام أي خاطب محتمل من البداية !

 

 

        هل بعد هذه النتيجة المترتبة على تعامل المجتمع المتخلف مع المرأة سيتعظ هذا المجتمع أَم أن فقدان التوازن صار مما عمت به البلوى فلم يعد أحد يشعر بوجود مشكلة أصلا حتى يبحث عن السبب والمسبب ؟ ، الجواب هو ما نعيشه اليوم ونعايشه مما لا يحتاج إلى الكتابة عنه وإنما التحرك بجدية للتعامل معه .

الأحد، 2 يوليو 2023

حِجتهم ليست لله !

     السعودية هي البلد القائمة على شؤون الحج والحجاج ، ولها ضيوف تتم دعوتهم وهذا من شؤونها التي لن نتحدث عنها ، لكن حديثنا إنما هو عن أعضاء ما يسمى مجلس الأمة عندنا وحاشية بعض أصحاب المال منهم والذين يزعمون أنهم يحجون كل سنة !

 

 

     هؤلاء يتقصدون إبراز وجودهم بين الحجاج الكويتيين بذريعة الاطمئنان عليهم رغم أن بلدنا كغيرها لها بعثة حج تمثلها مخولة برعاية شؤون الحجاج من مواطنيها والتواصل مع السلطات السعودية الراعية لضيوف الرحمن ، ومن هؤلاء من يبث وقائع مناسكه المزعومة عبر وسائل التواصل الاجتماعي في عبادة يفترض أنها خالصة لوجه الله لا يجوز أن يكتنفها الرياء والسمعة !

 

 

     لكن الأخطر من ذلك هو أن لبعض دافعي المال من هؤلاء حاشية بينهم من يوصف بأنه الشيخ فلان والشيخ علان ولم نَرَ أن هؤلاء المشايخ المزعومين قد انتهوا عن مزاحمة خلق الله والاستفادة من استثناءات غير مستحقة وقد كان الأحرى بهم أن يكونوا قدوات في المباعدة بين مرات أداء الحج وفق الأنظمة التي راعت مصالح المسلمين لتسهيل قيام من لم يتمكن منهم بأداء هذا الركن العظيم من أركان الدين ، وما تكاد تلحظ هذا أو ذاك من مشايخ الشيكات والمنافع في المشاعر المقدسة إلا وهو برفقة هذا الكبير أو ذلك العضو في اجتماع لا يمكن أن يكون بريئا لإظهار الوجود في حِجة لا نحسبها لوجه الله ليس من باب الدخول في النوايا وإنما عبر وقائع ملموسة على الأرض !

 

 

     نحن ندعو السلطات السعودية لملاحظة هذه الظواهر السلبية في الحج ومنعها ، فليس من المقبول أبدا أن تمتد إفرازات الفساد في الكويت حتى إلى المشاعر المقدسة وفي موسم الحج ، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

الجمعة، 16 يونيو 2023

التأصيل في الموقف بين هايف والطويل

        على أساس التنسيق ما قبل جلسة الافتتاح دعا محمد هايف الفائزين في الانتخابات إلى ديوانه مستثنيا جنان بوشهري ومرزوق الغانم ، ولا غرابة في استثناء جنان فهذا الاجتماع وإن كان بصبغة سياسية إلا أنه في النهاية جلسة ديوانية رجال لا يصح للنساء المشاركة فيها حتى الآن على الأقل ، لكن القصة كلها دارت حول استثناء مرزوق الغانم من دعوة هايف .



        برر هايف عدم دعوته للغانم بوجود خلاف سياسي والحقيقة أن خطيئة الغانم في ندوته الأخيرة بكشف أسرار قضية خطيرة تمس أسرة كريمة منتمية لقبيلة مطير دفع هايف أكثر لاتخاذ هذا الموقف وقد كان أوضح المعلقين في ردة فعله على الحدث المشين مهددا بمساءلة وزير الداخلية مع علمه بأنه ليس للوزير ذنب فيما جرى !



        تفاعلت القصة ودخل على خطها سالم الطويل الذي اعتاد على إثارة الجدل ، فتوجه لمحمد هايف عبر مقطع فيديو محتجا على موقفه قائلا أن هايف واحد منا فكيف يدعو مَن أسماهم الطويل الروافض لاجتماعه بينما أحجم عن دعوة أخيه السني كما قال الطويل ويعني به مرزوق الغانم !



        الحقيقة أن دعوة هايف للنواب الشيعة سياسيا منطقية لأن الجميع خاضوا الانتخابات بموجب الدستور ووصلوا إلى المجلس بموجب نتائج الانتخابات وعليه فعلى الكل التعامل مع الكل بعيدا عن الطائفية والقبلية ، لكن حديثه عن خلاف سياسي كان السبب في عدم دعوة مرزوق الغانم للجتماع أضفى شيئا من الغرابة على موقف هايف إزاء الشيعة والذين دخل في صدام معهم منذ تجمع ثوابت الأمة الذي نشأ كردة فعل على الاضطرابات الطائفية التي تلت العدوان على العراق واحتلاله ثم دخول المدعو ياسر حبيب على خط المشهد حينها بتقصده الإساءة للشيخين وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم جميعا ، فإذا كان الخلاف السياسي سببا في عدم دعوة هايف للغانم فيفترض أيضا أن يكون دافعا لعدم دعوة خصومه الشيعة وفي هذه الجزئية هناك طرف حقيقة وليس حقا في كلام سالم الطويل ، لكن بالمقابل لم يكن احتجاج الطويل على هايف عنيفا بسبب دعوة مَن أسماهم الروافض بقدر ما كان عنيفا نتيجة عدم دعوة هايف لأخيه السني الغانم لاجتماعه التنسيقي ، فهل يجهل سالم الطويل بأن السني مرزوق الغانم حينما أَبَّنَ خاله ناصر الخرافي كرر مقولة خاله عن المجرم حسن نصر الله بأنه زعيم النصر الإلهي ؟ ، هل يجهل الطويل بأن أخاه السني هذا هو الذي سعى للإفراج عن عدد من مجرمي خلية ما يسمى حزب الله وتخفيف الأحكام عن آخَرين ؟ .



        لا نظن سالم الطويل يجهل ذلك أو على الأقل لا يجهل دور مرزوق الغانم في نصرة مجرمي ما سُميت خلية العبدلي ، لكن ربما كان الطويل يحلم بحظوة لدى أخيه السني مثل حظوة إمام مسجد المقبرة ولهذا دخل المماحكات مع محمد هايف والذي ربما نسي أو أنه لا يعلم أن سالم الطويل قد سبقه لمحاربة ما يسميه هايف الظواهر السلبية عبر تشكيل ما يشبه الميليشيات التي كانت تترصد لمواعيد العشاق الغرامية في الدواعيس خارج إطار الدولة بينما هو اليوم ينافس في هرطقاته الملتحي النجدي الذي أفتى بعدم جواز الخروج على مَن سماه ولي أمر ولو ظهر يزني على شاشة التلفزيون نصف ساعة يوميا !



        هناك مَن احتج على سالم الطويل بقوله أنك يا طويل رجل دين فلا تتدخل في السياسة ، وهذه حجة مرفوضة شرعا لأنه لا توجد صفة في الإسلام تسمى رجل دين ؛ فإذا كان الكلام في السياسة حرام فهو حرام على الجميع وإن كان مباحا فهو مباح للجميع ، أما هايف فواضح جدا أنه عاد مرة أخرى للواقعية السياسية بعدما كادت خطابات الصوت العالي أن تودي بمستقبله السياسي ؛ فقد عاد هايف للواقعية السياسية التي انطلق منها أصلا عبر مشاركته في انتخابات عام ١٩٩٩ فكان مقره الانتخابي حينها مشتركا مع سعود طرقي بناء على معطيات فرعية قبلية ، لكن الحقيقة أن هذه الدعوة كان يفترض أن يوجهها أحمد السعدون الطامح لاصطحاب مطرقة الرئاسة معه إلى قبره وهو الذي لم يجرؤ حتى مرزوق الغانم على المجاهرة برفض ترشيحه لرئاسة المجلس ولكن السعدون البطل الصامت وجد في دعوة هايف حصانا يمكن ركوبه دون تحمل أي مسؤولية أو تبعات كالتي بدأ هايف يجنيها في انتظار المزيد من المفاجآت في الأشهر القادمة ، أما سالم الطويل فسيظل يلاحق شبح الشهرة وحب الظهور حتى يختفي عنه ذلك الشبح دون أن يلتفت أحد إلى مقاطعه التي يسجلها تعليقا على الأحداث طلبا لثوب يبدو أنه لن يلبسه أبدا .

 

الأحد، 4 يونيو 2023

الكويت بين محاربة رشوة المال وشرعنة رشوة المنافع !

        تتوالى هذه الأيام وكالعادة أخبار اصطياد الراشي والمرتشي والرائش في الشكل المباشر لشراء الأصوات ، ولسنا بحاجة للحديث في حرمة هذا الفعل المشين الذي لعن الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وآله وسلم كل أطرافه ، هذا فضلا عن أن استخدام رمزية المصحف الشريف كضمانة بين الملعونين فعل كفري قد يفضي إِلى الخروج من الملة كونه استهزاءً بكتاب الله عز وجل .

 

 

        يحلو للبعض التشكيك في نوايا وزير الداخلية طلال الخالد وهو يتابع هذه الجهود الخيرة للقبض على المجرمين قانونا والملعونين شرعا ، لكننا لا نجد مسوغا لهذا التشكيك لأن وزير الداخلية يعمل بنسق غير مسبوق على فرض هيبة القانون في كل الملفات ما وسعه ذلك مع علمنا أن في طريقه خطوطا حمرا ندعو الله أن يزيلها ويزيل مَن وضعها ، لكن الفاسد حين يتضرر من تطبيق القانون ليس أمامه إلا حرب التشكيك في النوايا والطعن في أصحابها .

 

 

     مع كل ما ذكرناه وغيره مما يضيق عنه المقام إلا أن هناك نوعا من شراء الأصوات ليس بمقدور وزير الداخلية محاربته لأنه يرتبط بمنهجية عمل السلطة الحاكمة كمَنْظومة متكاملة وأعني بها مطالبة الناخب للمرشح بتحقيق منافع غير مشروعة له أو لأقرباءه وأهله فيعمد المرشح قبل النجاح أحيانا وبعده أحيانا أخرى إِلى السعي باتجاه مخالفة القانون وتحقيق تلك المنافع غير المشروعة عبر وزارات ومؤسسات الدولة ، وهذا يعني أن ذلك النوع من الرشوة لا يتم إلا بتوقيع مسؤول حكومي إكراما للراشي وهو المرشح وتنفيعا للمرتشي وهو الناخب فيكون المسؤول الحكومي بصفته لا بشخصه هو الرائش مما يعني أن الدولة كلها ممثلة فيه ستدخل في دائرة اللعنة إذا عَلِم صُناع القرار فيها بما جرى ورضوا به وسكتوا عنه !

 

 

        هذا النوع من شراء الذمم أخطر من الشراء المباشر لها عبر المال ذلك لأن افتضاح أمر الراشي والمرتشي والرائش عبر الوسيلة المباشرة وهي دفع المال فيه تشويه سمعة اجتماعيا ، أما شراء الذمم عبر تسهيل المنافع غير المشروعة فقد يهضمه المجتمع باعتباره بطولة من المرشح خاصة إذا كان المستفيد من المنفعة اللا مشروعة ابن عم أو قريب ، والأَخْطَر من ذلك هو وصف المرشح أو النائب الذي يرفض القيام بهذا الدور المشين بأنه متخاذل أو بالمحلي ( ما فيه خير ) وهو ما يعني تبني الفكر الجمعي لمبدأ شرعنة شراء الذمم وهو ما قد يُدْخِلُ المجتمع كله في دائرة الملعونين المرتكبين للفعل المشين أو المشجعين عليه وفي أحسن الأحوال الشياطين الخُرْسُ الساكتين عن الحق !

 

 

        المسؤول الأول عن شيوع هذا النوع الخطير من الرشوة هو السلطة الحاكمة لكن ذلك لا يعفي الراشي والمرتشي كأفراد من المسؤولية فيوم القيامة كل منا سيأتي الرحمن فردا ، فليحذر مَن يطلب المنفعة اللا مشروعة وليحذر مَن يتوسط لتحقيقها وليحذر من يوقع على قرار تنفيذها ، وليحذر أكثر المجتمع الذي يعتبر ذلك خدمة مشروعة وأن عدم أدائها هو العيب فهذا يعد بكل صراحة تحديا لله ورسوله .

 

 

        أَلا هل بلغت ؟ : اللهم فاشهد .

الأحد، 28 مايو 2023

هل تتزوجينني ؟

        الشيخ عثمان الخميس مع تحفظي شخصيا على لقب شيخ أو رجل دين ليس لعثمان فقط وإنما كمبدأ عام ، الخميس تم توجيه سؤال له مُفاده : " هل يجوز للرجل أن يسأل المرأة قائلا هل تتزوجينني ؟ "

        أجاب الشيخ عثمان بنبرة صوت مترددة مرتجفة قائلا لا حرج في ذلك ، وكي لا نتجنى على الرجل فإن هذه الفقرة وردت في مقطع فيديو قصير من المقاطع التي يختار الشباب القائمون على نشر فتاواه ومن بينهم ابنه كما قال هو بنفسه أن ينشروها تسهيلا على الناس وملاحقة لمحبي التِّكْتُكْ والمقاطع القصيرة في اليوتيوب ، فنحن لم نكن موجودين معه في الدرس ولم نستمع لكامل المقطع لكننا سمعنا عبارة اللا حرج بنبرة مترددة بينة التردد !

        تُرى ما الذي دفع عثمان الخميس لهذه الإجابة ؟ ، وما سبب النبرة المترددة في طريقة كلامه ؟

        الحقيقة أن الإجابة أتت لسببين أولهما هو ألا دليل على عدم جواز عرض الرجل على المرأة الزواج منها مشافهة ، أما السبب الثاني فهو أن عثمان الخميس قد حظي في السنوات الأخيرة بقبول جماهيري في مجتمع فرض فيه الاحتكاك المباشر بين النساء والرجال نفسه رغم كل الفتاوى المحرمة للاختلاط والمحذرة منه والتي يتبناها الخميس نفسه ولذلك فإنه قد يرى أن المصلحة في ترسيخ القبول الجماهيري لا في خسارته .

        أما سبب النبرة المترددة التي بانت في صوت عثمان الخميس وطريقة كلامه وهو يجيب عن هذا السؤال فهو أن أدبيات المدرسة النجدية التي ينتمي لها عثمان الخميس تعتبر أن خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية وحديثه معها دون وجود محرم يعد مخالفة شرعية وإثما كبيرا وأن الصحيح هو أن يخطب الرجل المرأة من وليها لا أن يتحدث معها مباشرة في هذا الشأن .

        عثمان الخميس كما غيره من المنتمين للمدرسة النجدية باتوا يدركون اليوم أن التمسك الحرفي بلغة ابن باز وابن عثيمين غير ممكن وأن مخاطبة الجمهور بلغة صالح اللحيدان لن تجد قبولا رغم الاحترام الذي ما يزال إرث هؤلاء يحظى به لدى تلاميذ ومريدي عثمان الخميس من الشباب ، ولهذا فإن الواقعية السياسية فرضت نفسها اليوم حتى على ورثة المدرسة النجدية التي انفصلت عن الواقع منذ انبثاق آبار النفط وما ترتب عليها من طفرة مادية وتغيرات اجتماعية وفكرية !

        من حيث الطرح المثالي وفق معطيات الإرث الاجتماعي المنتمي للعادات والتقاليد فإن مقاييس المجتمعات ليست متماثلة فمنها ما يقبل عرض الزواج بهذه الطريقة ومنها ما يعتبره تماديا ، وبالنسبة لمجتمعنا في الجزيرة العربية فإن إرث عاداته وتقاليده التي لم تعد سلوكا ملزما لأحد ترفض في المجمل أن يعرض الرجل الزواج على المرأة بهذه الطريقة ذلك لأننا اعتدنا ارتسام الألوان على وجه المرأة حين يبلغها أهلها بأن فلانا قد خطبها وهي في داخلها موافقة على الارتباط به ، فلا تصرح بالموافقة لكنها أيضا لا تبدي الرفض ولهذا قالوا في المثل :" السكوت علامة الرضى " ؛ والحقيقة أنه مثل غير دقيق ، لكن في بعض الحالات يمكن قبول فكرة مشافهة الرجل المرأة برغبته في الزواج منها كأن يعرض رجل ستيني أو سبعيني على قريبته أو جارته الأرملة الخمسينية الزواج ذلك لأن الحاجات المرجوة من الزواج في مثل هذه الحالة تختلف بنسبة ٩٥٪ عنها في حالات الزواج الشائعة بين الأصغر سنا وأن هذا الرجل في الغالب يريد رفع الحرج عنه وعن قريبته أو جارته التي تحتاج خدماته باعتباره القائم على شؤونها عمليا لكنه أجنبي عنها ؛ ولهذا فإن لعرضه الزواج عليها مشافهة ما يبرره دينيا واجتماعيا .

        هكذا كان الحال وهكذا أصبح ولم يتبقى من ماضي المدرسة النجدية التي عانت من بعبع اسمه المرأة إلا إرثه ، وفي الختام يبقى السؤال : " هل تتزوجينني ؟ " .

الثلاثاء، 7 فبراير 2023

الخطيئة الناضجة !

        وسائل التواصل الحديثة فتحت آفاقا أرحب وأكثر خصوصية لتواصل الناس ببعضهم ، فكل منا قادر على إيجاد وإدارة علاقات افتراضية مع الأباعد قبل الأقارب دون أن يفطن لذلك أحد ، وعليه فإن التسلط على أي شخص بغية منعه من التواصل مع فلان أو فلان صار أمرا متعذرا .

 

 

        هذا الفضاء المفتوح لم يعد بالإمكان فيه وضع المحاذير في علاقات الجنسين بمختلف الأَعمار ؛ ونحن لا نختلف في أن أي شكل من أشكال علاقات التسلية العبثية بين الجنسين محرم مُجَرَّم سواء وقعنا فيه أَم رحم الله مَن شاء مِنا وعصمه منه ، ولكن مع ذلك فإنه من العبَث أيضا افتراض المثالية في الناس وإمكانية تسييرهم على الطريق المستقيم الذي يحيد عنه معظم المُمَظِّرين له ، فحينما يتلقى أي مِنا طلبَي صداقة عبر الفيسبوك مثلا أحدهما مُذَيَّلٌ باسم ذكر بينما الآْخَر بتوقيع أُنْثَوِي فَحَتْمًا سيكون التوقيع النسائي ملفتا لانتباه متلقي الطلب الرجل والعكس صحيح .

 

 

        بالرغم من تلك الثوابت التي لا نجادل حولها إلا أن تطور العلاقة بين رجل وامرأة عبر العالم الافتراضي من مراسلات واتساب أو لايكات فيسبوك أو ريتويت عبر تويتر إلى إعجاب ثم زواج يمكن أن يجعل من تلك العلاقة التي يعلن معظمنا رفضه لها وإن كان يمارسها أو يلهث باحثا عنها خطيئة ناضجة !

 

 

        نعم هي خطيئة ناضجة إذ أن الطرفَين في هذه العلاقة اِنْجَذَبَاْ لبعضهما من خلال تَلاقٍ فكري ربما يكون سببا في إنجاح إدارتهما لعلاقتهما الزوجية ، وقد يقول قائل بأن الطرفين أو الذكر منهما خاصة قد يُمَثِّلُ على الأُنْثى بُغية الوصول إلى غاية معلومة وهذا أمر وارد ؛ لكن غالبا وبنسبة ٩٠ بالمئة فإن مَن يمارس التمثيل في مثل هكذا علاقة لا يريد الزواج فهو لا يحترم الطرف الآْخَر فضلا عن الارتباط به .

 

 

        هذا الواقع الذي أفرزته التقنية الحديثة في مجتمعنا رغما عن ثوابته أدى إِلى جدل قد يهز أركان هذه الثوابت تدريجيا ومفاد هذا الجدل هو أن علاقة التلاقي الفكري بين رجل وامرأة لا يكتنفها الابتذال لا ينبغي تحريمها لأن المرأة والرجل فيها لا يَعيشان الخلوة وليس الميل الجنسي ومترتباته هو موضوع التلاقي الفكري الذي جمعهما ، وإذا تَمَخَّضَتْ مثل هذه العلاقة عن علاقة متينة مقدسة وأعني بها الزواج فإن النضج الذي جمع طرفَي العلاقة قبله كفيل بإنجاح علاقتهما المقدسة بعده ، فهل هذا صحيح بالضرورة ؟

 

 

        إذا قلنا بأنه صحيح فإن الثوابت الاجتماعية المُعلنة التي تمنع علاقات الجنسين تراسلا وتواصلا ستضمحل مع الزمن ، وإذا قلنا بأنه غير صحيح بسبب أن مشاعر أصحاب كل أشكال العلاقات الإنسانية عُرْضَة للأَغيار وأن مَن يتفق مع صديق أو تتآلَف مع زميلة أو يرتاحان لبعضهما كَزَوْجَين اليوم قد تنفرط عُرى علاقاتهم جميعا غدا ، والحقيقة أن هذه الأَغْيار قابلة للحدوث وحدثت في كل أشكال علاقات البشر منذ أن قتل قابيل هابيل وحتى قيام الساعة وعليه فإنه وحتى إشعار آْخَر ستظل غالبية أفراد مجتمعاتنا تتبنى في العلن رفض العلاقات الإلكترونية بين الرجال والنساء لكن هؤلاء الرافضين هم أنفسهم الذين سيباركون نجاح أي زواج يتمخض عن مثل هذه العلاقات باعتبارها خطيئة ناضجة .

الاثنين، 30 يناير 2023

مواجهة تداعيات مقتل الفلبينية على مجتمععنا

        مأساة مقتل العاملة الفلبينية مؤسفة ِِمشينة ، فهذه المغدورة مسكينة أيا كانت تفاصيل القضية ، فإن كان المراهق المجرم قد اغتصبها تحت بند فورته المصاحبة لبلوغه فهي ضحية الاغتصاب وضحية القتل ، وإن كان طول البعد عن الشريك أغراها بالاستمتاع مع المراهق ضمن دائرة تبادل المنافع الجنسية فهي مسكينة وإن كانت خاطئة .

 

 

        الحكومة الفلبينية لا تختلف عن السماسرة السراسرة من تجار البشر الفلبينيين والكويتيين فهي لا تعني لها مأساة المغدورة إلا أنها فرصة لابتزاز الكويت حكومة وشعبا ، وتخصص وسيلة إعلام كويتية بعينها لنشر أخبار تهديد الفلبين بمنع إيفاد عاملاتها إلى الكويت يضع ألف علامة استفهام تشير إلى تورط أطراف كويتية بتحريض حكومة الفلبين على الكويت بغية تحقيق منافع على حساب جيب المواطن الكويتي ، وها هم يطالبون الآن برفع رسوم استقدام العمالة الوافدة ليدفعها المواطن الذي لا يتقاضى راتبا استثنائيا بذريعة تعديل التركيبة السكانية !

 

 

        لم يعد أمام المواطن الكويتي الآن إلا أن يتحرك دفاعا عن كرامته وتصحيحا لمسار حياته ، فتصريحات الحكومة الفلبينية توحي وكأن المراهق المجرم ارتكب فعلته الشنعاء بمباركة الشعب الكويتي كله وكأن هذا النوع من الجرائم يقع في بلادنا يوميا ، واستجداء السلطة الحاكمة عندنا للعصابة الحاكمة في الفلبين يجعلنا في موقف ضعف مهين ليس أمامنا إزاءه إلا أن :

 

١ – تخلي كل القادرين عن الخدم قدر الإمكان وهذا أمر ممكن خاصة في بيوت يقف على رأس الهرم فيها أب صحيح وأم متعافية تجوب المولات يوميا وتدخن الشيشة ولهما من الأولاد والبنات المدركين والبالغين أربعة أو أكثر ، فمسألة أن تصل بنا الاتكالية إلى حد أَلَّاْ نرتب حتى الفراش بعد الاستيقاظ صباح كل يوم هذا أمر مخجل جدا ، وأن تصل اللا مبالاة عند بعضنا إلى حد دخول الخادمة غرفة النوم لتشاهد آثار العلاقة الخاصة بين الزوجين فهذا أمر مشين وقد يكون سببا لتهييج الخادمة المحرومة من قرب الشريك .

 

٢ – لأن مبيت المرأة الأجنبية في بيوتنا لا يجوز أصلا ما لم تكن ممرضة مشمولة بخدمات تأمين صحي يحتاجها المرضى مسنين كانوا أم معاقين أم غيرهم فعلينا تبني فكرة مشروع إغلاق مكاتب العمالة المنزلية واستبدالها بشركات خدمة تكون مسؤولة عن استقدام عمالتها وتوفير سكن ملائم لتلك العمالة وضمان إجازات سنوية مريحة لها لتصبح علاقة المواطن مع الشركة المتعاقد معها لا مع الخادمة ويتخلص بذلك المواطن من قصة الكفالة والإقامات ، وتكون فترة دوام العاملة ولا أقول الخادمة في البيت ثمان ساعات على أربع باقات هي باقة العمل خمسة أيام في الأسبوع وهي الأعلى سعرا وباقة الثلاثة أيام في الأسبوع وباقة اليومين في الأسبوع وباقة المرة الواحدة في الأسبوع وهي الأقل سعرا ، وتكون الشركة مسؤولة عن توزيع عاملاتها على مواقع العمل مع بداية الدوام الصباحي أو المسائي ثم أخذهن بعد نهاية الدوام الذي ينبغي ألا يتعدى مساءً الساعة التاسعة إلى أماكن سكنهن ، وبهذا نتخلص من نوم الخادمة في بيوتنا بليل بهيم وهي تعلم أن أمرا تتمناه يحدث في غرفة نوم صاحبة المنزل !

 

 

        قد يقول قائل بأن الشركات سترفع الأسعار على زبائنها بحجة تحملها تكاليف سكن ومواصلات عاملاتها ، وكرد على ذلك نقول بأن مَن سيستفيد من باقة الخمس أيام في الأسبوع هم المقتدرين وسيدفعون دون مشكلة ، أما غير المقتدرين فلماذا يكدسون في بيوتهم أثاثا لا حاجة لهم به ليجمع الغبار والأوساخ ؟ ، فليعيشو على قدهم وتكفيهم باقة المرة واحدة أسبوعيا إذا دعت الحاجة ولن تكون مكلفة .

 

 

        بهذه الطريقة أو ما يشابهها مضمونا ولو اختلفت التفاصيل يمكننا كسر أنوف تجار البشر الرسميين وغير الرسميين وكذلك نصحح مسار حياتنا لنحقق الانضباط ونتحمل المسؤولية ، وما لم نفعل ذلك فعلينا أَلَّاْ نلوم إلا أنفسنا ومن العيب أن تبتزنا الفلبين ونحن الذين نفاخر بأننا حرقنا الزبالة وشغلنا المخابز أيام الغزو .